مهرجان البندقية: الفن يصرخ من أجل غزة

كتبت: سامية عرموش

شهد مهرجان البندقية السينمائي الدولي في دورته الـ82 تحولًا ملحوظًا، حيث لم يقتصر على عرض الأعمال السينمائية، بل أصبح منصة فنية للتعبير عن التضامن مع القضية الفلسطينية والمطالبة بوقف الحرب في غزة. وقد تجلى ذلك بوضوح في عدة مبادرات لنجوم وصناع أفلام.

مواقف فنية وسياسية

كان من أبرز هذه المواقف ارتداء المخرج اليوناني يورغوس لانثيموس دبوساً بألوان العلم الفلسطيني خلال المؤتمر الصحافي لفيلمه "بوغونيا" (Bugonia). كما شارك الآلاف في مسيرة حاشدة انطلقت من جزيرة ليدو الإيطالية، ضمت نجوماً من السينما العالمية والعربية، حاملين لافتات وشعارات تدعو إلى وقف الحرب.

وعلى السجادة الحمراء، عبّر الفنانون عن مواقفهم بطرق مبتكرة. ففي لفتة تحمل الكثير من الرمزية، قامت المخرجة المغربية مريم التوزاني وزوجها نبيل عيوش برفع لافتة سوداء كُتب عليها "أوقفوا الإبادة الجماعية في غزة". اللافتة لم تكن مجرد قطعة قماش، بل كانت حقيبة يد نسائية تحولت عند فتحها إلى لافتة احتجاجية، مما يؤكد كيف يمكن للأزياء والاكسسوارات أن تكون أداة قوية لتمرير الرسائل السياسية والإنسانية.

وقد سلط هذا الموقف الضوء على قوة الفنون بكافة أشكالها في الوصول إلى شرائح واسعة من المجتمع. فمهرجان سينمائي مرموق يمكن أن يتحول إلى تظاهرة احتجاجية يصل صداها إلى ملايين المتابعين بفضل مكانة المهرجان وشهرة الفنانين.

ولكن، لم يخلُ موقف الزوجين من الجدل، فقد قوبل باستياء واستهجان من قبل البعض، خاصة أن نبيل عيوش وزوجته كانا قد شاركا قبل عامين في مهرجان حيفا السينمائي الدولي، ما اعتبره المنتقدون تناقضًا بين مواقفهما السابقة واللافتة التي حملاها في البندقية.

"صوت هند رجب" يثير ضجة عالمية

يُعدّ فيلم "صوت هند رجب" للمخرجة التونسية المرشحة للأوسكار كوثر بن هنية أحد أبرز الأعمال المشاركة في المهرجان، حيث أثار جدلاً واسعاً حتى قبل عرضه. يعيد الفيلم سرد القصة المأساوية للطفلة الفلسطينية هند رجب، البالغة من العمر ست سنوات، التي حوصرت في سيارة مع عائلتها بعد قصف إسرائيلي في غزة، وبقيت على اتصال مع مسعفي الهلال الأحمر لأكثر من ساعة دون أن يتمكنوا من الوصول إليها لإنقاذها.

ويُعرض الفيلم ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان، ويدخل سباق مهرجان تورنتو السينمائي أيضاً. وقد حظي الفيلم بدعم كبير من نجوم عالميين بارزين انضموا كمنتجين منفذين، من بينهم براد بيت وخواكين فينيكس وألفونسو كوارون وروني مارا، مما زاد من أهميته الإعلامية والسينمائية.

رسالة مفتوحة ودعوة للإدانة

في خطوة أخرى، أطلقت مجموعة "البندقية من أجل فلسطين" التي تضم عشرة مخرجين إيطاليين مستقلين، رسالة مفتوحة دعت فيها المهرجان إلى أن "يتبنى موقفاً واضحاً لا لبس فيه" ضد ممارسات إسرائيل في غزة. حظيت الرسالة بدعم واسع وجمعت ألفي توقيع، من بينهم توقيعات لنجوم عالميين مثل كين لوتش وأودري ديوان وأبيل فيرارا.

وعلى الرغم من هذه المواقف، أكد المدير الفني للمهرجان ألبرتو باربيرا أن المهرجان "لا يتخذ مواقف سياسية مباشرة"، لكنه أشار إلى أن اختيار فيلم مثل "صوت هند رجب" هو موقف إنساني يهدف إلى تسليط الضوء على مأساة غزة، مؤكداً أن السينما قادرة على إيصال صوت الضحايا للعالم أجمع.

جدير بالذكر أن فعاليات المهرجان، التي انطلقت في 27 أغسطس، ستختتم في 6 سبتمبر 2025 مع إعلان الجوائز النهائية.