التمثيل السلبي وغياب الصوت العربي في الإعلام الإسرائيلي يعمّقان أزمة فقدان الثقة

لنا غانم أيوب: باحثة ومحررة محتوى
لنا غانم أيوب: باحثة ومحررة محتوى
منذ سنوات أتابع كيف يُقدَّم المواطنين العرب في اسرائيل في الإعلام الإسرائيلي: إمّا بصورة سلبية، أو في حالات كثيرة يتم تغييبهم تمامًا. هذه الملاحظة لم تكن مجرّد انطباع شخصي، بل سؤال بحثي رافقني خلال دراستي للماجستير في جامعة حيفا: كيف يؤثر هذا الغياب أو التمثيل السلبي على ثقة المواطنين العرب في الإعلام الإسرائيلي؟
خلال البحث الذي أجريته على عيّنة من المجتمع العربي، تبيّن لي بوضوح أنّ الصورة السلبية أو الغائبة ترتبط بانخفاض الثقة بالقنوات المركزية. الإعلام، في هذه الحالة، لم يكن مجرّد ناقل أخبار، بل عامل يحدد علاقة الناس بهويّتهم وشعورهم بالانتماء أو الاغتراب في المجتمع.
سؤالي لم يكن فقط عن الثقة، بل أيضًا عن شكل رد الفعل: هل يتحوّل انعدام الثقة إلى شكّ واعٍ ونقدي، أم إلى سخرية وانفصال كامل عن الإعلام؟
ما أثار انتباهي أيضًا هو أن الشعور بالاغتراب لم يكن له الدور الذي توقّعته في تفسير السخرية من الاعلام (أي النظرة العدميّة والسلبية تجاه الإعلام) التي تختلف عن التشكيك النقدي. خلال الحرب الأخيرة، وهي الفترة التي أجريت فيها الدراسة، حتى من لا يثقون بالإعلام المركزي تابعوه يوميًا للحصول على معلومات. في رأيي، هذا يعني أن العرب في إسرائيل يعيشون مفارقة: من جهة لا يثقون بالإعلام، ومن جهة أخرى مضطرون للاعتماد عليه في أوقات الأزمات.
هذه النتيجة قد تحمل دلالات سياسية واجتماعية أوسع:
• الإعلام الذي يهمّش العرب يمكنه أن يعمّق أزمة الثقة وأن يزيد الفجوة بينهم وبين مؤسسات الدولة.
• المواطن العربي الذي يشعر بالانتماء يتابع الإعلام بوعي نقدي ويزداد شكّه به، بينما من يشعر بالاغتراب قد يلجأ إلى بدائل إعلامية عربية من خارج الدولة.
• بناء الثقة مع المواطنين العرب يبدأ من صورة أكثر متوازنة وعادلة لهم في الإعلام، وليس من تجاهلهم.
البحث يسلّط الضوء على أن صورة المجتمع العربي في الإعلام ليست مسألة ثانوية، بل عامل أساسي في بناء أو تقويض الثقة بين الأقليات ومؤسسات الدولة. وهو يقدّم قاعدة لفهم أعمق للعلاقة بين الإعلام والمجتمعات الأقلية، ويدعو إلى أنماط تمثيل أكثر توازنًا وعدلًا، باعتبارها خطوة ضرورية نحو تعزيز الثقة والانتماء.