الجمعة , 14 نوفمبر 2025 - 1:06 صباحاً

الجمعة السوداء: الكلفة البيئية وأزمة الاستهلاك المفرط

الجمعة السوداء: الكلفة البيئية وأزمة الاستهلاك المفرط

الجمعة السوداء: الكلفة البيئية وأزمة الاستهلاك المفرط

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

بقلم: سامية عرموش

المقدمة: ظاهرة الجمعة السوداء وتأثيرها العالمي

تُعدّ "الجمعة السوداء" (Black Friday) موسم التسوق الأبرز عالميًا، ومهرجانًا استهلاكياً هائلاً تُنفق فيه المليارات في ساعات قليلة، مما يرتبط بتأثير بيئي ومناخي مباشر. ففي ظل إنفاق المستهلكين الأمريكيين نحو $9.12 مليار دولار عبر الإنترنت، تتفاقم النزعة الاستهلاكية وتلقي بظلالها على الكوكب.

1. الكلفة البيئية للاستهلاك المفرط وثقافة "التخلص السريع"

أ. الأثر البيئي الكارثي للتسوق

تُظهر الدراسات أن لهذا اليوم تأثيرًا كارثيًا على البيئة:

  • انبعاثات غازات الدفيئة: يُقدر أن عمليات تسليم البضائع تولّد نحو 429 ألف طن من غازات الدفيئة سنويًا.

  • بصمة الكربون للتجزئة: يساهم قطاع التجزئة بنحو 25% من انبعاثات الكربون العالمية.

  • أزمة النفايات: تزداد النفايات المنزلية بنسبة 25% في الفترة الممتدة من الجمعة السوداء حتى رأس السنة، وتنتج كميات هائلة من نفايات التغليف البلاستيكية.

  • عبء المرتجعات: تصل كلفتها البيئية إلى 30% أعلى من التسليم الأولي بسبب اللوجستيات كثيفة الاستهلاك للطاقة. (مصادر الكترونية)

ب. ثقافة "التخلص السريع" وقصر عمر المنتج

تعزز الخصومات الكبيرة في مواسم التسوق الشراء الاندفاعي والاستهلاك المفرط، وهو ما يدفع المتسوقين في كثير من الأحيان لشراء أجهزة جديدة بدلاً من إصلاح القديمة. يثير هذا الواقع مخاوف بشأن العمر القصير للمنتجات؛ حيث تشير الدراسات إلى أن نحو 80% من العناصر المشتراة يتم التخلص منها بعد عدة استخدامات قليلة، لتنتهي في مدافن النفايات أو الحرق. ومن الأمثلة الصارخة على هدر الأجهزة، التخلص من 5.3 مليار هاتف محمول في عام 2022 وحده دون إعادة تدوير معظمها. (مصادر الكترونية)

2. توطين الظاهرة في إسرائيل وأنماط الاستهلاك المحلي

أ. الاستهلاك في إسرائيل: توطين الظاهرة والمقاومة المحلية

في إسرائيل، تم توطين ظاهرة التخفيضات الاستهلاكية عبر مبادرات محلية مثل "Shopping IL" التي تهدف إلى تهيئة المستهلكين لموجات التخفيضات العالمية. وقد شهدت البلاد نموًا ملحوظًا في الإنفاق، حيث بلغت النفقات خلال فترة الجمعة السوداء لعام 2024 نحو 1.2 مليار شيكل إسرائيلي. وتصدرت فئتا الأجهزة الكهربائية والإلكترونيات قائمة المشتريات الأكثر شيوعًا. ويُلاحظ أن تقنيات الدفع الميسرة تلعب دورًا محفزًا في دفع المستهلكين للشراء أكثر مما خططوا له في الأصل. (موقع والا العبري walla)

ب. أنماط استهلاكنا المحلي: فرصة للتغيير

يُظهر الاستهلاك المحلي تزايدًا في الاعتماد على المنصات الرقمية:

  • الشراء عبر الإنترنت: بلغت حصة المشتريات عبر الإنترنت في المجتمع العربي حوالي 15% من إجمالي المبيعات. (بيانات جوجل وشركة إيسراركارد لعام 2024)

  • توزيع الإنفاق: رغم أن الإنفاق الشهري للأسرة المسلمة يقل بحوالي 33% عن الأسرة اليهودية، إلا أن الإنفاق على الملابس والأحذية يشكل نسبة أعلى من ميزانية الأسرة العربية.

  • البدائل المستدامة محليًا: هذا الواقع يفرض تبني خيارات أكثر استدامة، مثل السوق النشط للملابس المستعملة محليًا، الذي يمثل فرصة للحد من الهدر.

3. المبادرات المحلية والدعوات العالمية للمقاومة

أ. حراك "نقف معًا" في حيفا ينظم سوقًا خيريًا لدعم أطفال غزة

ينظم حراك "نقف معًا" في حيفا، يوم الجمعة 21.11، من الساعة 10:00 صباحًا حتى 12:00 ظهرًا، سوقًا خيريًا للملابس والأغراض المستعملة في البيت الليلكي – شارع المَجِنّيم 32، حيفا.

يُقام السوق ضمن فعاليات مهرجان السينما الشعبي في حيفا، ويهدف إلى جمع التبرعات لصالح منظمة Gaza Children Village – "قرية أطفال غزة"، التي تُعنى برعاية الأطفال المتضررين من العدوان. جميع العائدات من المبيعات ستُخصص بالكامل للتبرع للمنظمة.

ب. الجمعة الخضراء في حيفا كبديل مستدام

انطلاقاً من المبادرات العالمية للتوعية بالاستهلاك الصديق للبيئة، سيستضيف "مركز طبريا 15 الجماهيري" في حيفا فعالية يوم الجمعة 28.11.25، "الجمعة الخضراء" (Green Friday). هذه المبادرة المجتمعية ستقدم بديلاً مباشراً لجنون التسوق، وتهدف إلى تعزيز الاستهلاك المستدام من خلال تنظيم سوق "خذ-واعطي" للتبادل المجاني، لتشجيع الأفراد على تبادل السلع وتقليل النفايات وتعزيز الاقتصاد الدائري. (موقع حيفا24نت).

ج. البدائل المستدامة والدعوات العالمية

في مواجهة الاستهلاك المفرط، ظهرت حركات مقاومة عالمية:

  • دعوات الحظر: تصاعدت الدعوات في فرنسا لحظر الجمعة السوداء لوقف "هدر الموارد".

  • مبادرات عالمية لتغيير العادات:

    • الجمعة الخضراء (Green Friday): تشجع على المقاطعة أو تبني ممارسات مستدامة.

    • الجمعة الزرقاء (Blue Friday): تشجع على التسوق المسؤول ودعم العلامات التجارية الصديقة للبيئة.

 


نبذة عن الكاتبة

الكاتبة هي إعلامية، محاضرة مستقلة وناشطة بيئية من حيفا، حاصلة على الماجستير في الثقافة السينمائية. تلقي محاضرات حول السينما كأداة للتغيير الاجتماعي، وكذلك حول الاستدامة والاستهلاك المسؤول، بادرت بتنظيم معارض للملابس المستعملة (يد ثانية) لتعزيز البدائل البيئية في المجتمع العربي.

×