قانون الجذب: هل للكلمات والأفكار قوة تغير الواقع؟ السينما تحكي!

قانون الجذب في السينما
كتبت: سامية عرموش
هل يمكن أن تتحقق الدعوات السلبية أو الإيجابية بمجرد النطق بها، أو التفكير فيها بعمق؟ سؤال يطرحه حادثتان غريبتان في عالم السينما المصرية، لتكونا مدخلًا لمناقشة ظاهرة "قانون الجذب" التي أثارت جدلاً واسعًا بين مؤيد ومنكر.
صدف أم جذب؟ حكايات من السينما المصرية:
أشارت مصادر صحافية مصرية عديدة إلى أنه في العام 1950، احتوى فيلم "قمر 14" على مشهد درامي جمع بين الفنانتين كاميليا ووداد حمدي. فيه، دعت كاميليا على وداد قائلة: "يا رب تنضربي بالسكينة في قلبك"، لترد عليها وداد: "يا رب تتحرقي!". لم يمضِ سوى أشهر قليلة على عرض الفيلم حتى تحققت "دعوة" وداد حمدي بشكل مأساوي، إذ لقيت الفنانة كاميليا حتفها محترقة في حادث سقوط طائرة متجهة إلى روما. أما وداد حمدي، وبعد سنوات طويلة من المشهد ذاته، فقد فارقت الحياة إثر طعنة سكين في قلبها خلال عملية سطو على منزلها. هل كان هذا مجرد صدفة مرعبة، أم اندماجًا للممثلتين في دوريهما لدرجة الانفعال الوجداني الذي جذب هذه الأحداث؟ هذه المقدمة المثيرة تقودنا إلى طرح مفهوم "قانون الجذب"، ذلك المفهوم الذي يرى البعض أنه حقيقة كونية، بينما يراه آخرون مجرد "هراء".
قوة الفكر وتأثيره على الواقع: منظور أوسع
بصرف النظر عن مدى الإيمان به، تشير أمثلة عديدة من واقعنا إلى فعالية الفكر في جذب المواقف وتغيير الواقع. فقد تحول هذا المفهوم إلى أداة أساسية يعتمد عليها مدربو التنمية البشرية في عملهم، وهو ليس غريبًا عن التحفيزات الموجودة في النصوص الدينية المختلفة التي تحث على التفكير الإيجابي والتفاؤل لتحقيق التغيير نحو الأفضل. من منظور علم النفس، يمكن تفسير بعض جوانب قانون الجذب من خلال تأثير التفكير الإيجابي على سلوك الفرد وقدرته على استغلال الفرص، أو ما يُعرف بـ"الاستعداد النفسي" لتحقيق الأهداف، حيث يخلق العقل بيئة مواتية لجذب الفرص.
السينما كمفتاح لفهم "قانون الجذب" ومنصة لتشكيل الوعي:
قدمت السينما الحديثة نماذج واضحة ومبسطة لكيفية عمل هذا القانون. ففيلم I Feel Pretty (2018) يتناول قصة فتاة تبدأ حياتها بالتغير جذريًا في جميع الجوانب – المهنية، الصحية، المالية، الاجتماعية، وحتى الشكلية – بمجرد أن تغير شعورها الداخلي تجاه ذاتها. يوضح الفيلم ببراعة كيف أن تقدير البطلة لذاتها قد غير نظرة من يحيطون بها للأفضل، لتؤكد البطلة نفسها لاحقًا أن الفيلم وسيناريوه أثرا في حياتها بشكل جذري، حتى أنها التقت شريك حياتها الذي طالما تمنته وتزوجته. يعد هذا الفيلم مثالًا ممتازًا لمن يريد فهم "قانون الجذب" ببساطة ودون تعقيد.
عودة إلى عام 2006، حيث شهد العالم انتشارًا واسعًا لكتاب The Secret (السر) للكاتبة الأسترالية روندا بايرن، التي زعمت أنها اكتشفت "السر العظيم" الذي غير مجرى حياتها: "قانون الجذب". استعانت بايرن بعدد من المحاضرين والمؤلفين، وحتى اقتباسات تاريخية قديمة، لتقديم نظرية متكاملة تقوم على مفهوم "قانون الجذب". وقد تبع الكتاب فيلم وثائقي استعرض شهادات لمدربين ومديري شركات وغيرهم ممن مروا بتجارب صعبة وخرجوا منها محلقين نحو القمم بفضل التفكير الإيجابي الذي فعل "قانون الجذب" في حياتهم. افتتح الفيلم بمقدمة بصرية وصوتية آسرة رافقتها جملة مؤثرة: "عندما تتعلم... السر... ستعرف كيف يمكنك أن تحظى بأي شيء تريد، أن تقوم بأي شيء تريد... وستعرف من أنت حقاً... ستعرف الروعة الحقيقية التي بانتظارك....!"، مما أسهم في تحقيقه نجاحًا ساحقًا عالميًا.
تُبرهن هذه الأفلام أن السينما ليست مجرد مرآة تعكس الواقع، بل هي قوة فاعلة في تشكيل الوعي المجتمعي وحتى تغيير مسار الأفكار، من خلال تقديم مفاهيم مثل "قانون الجذب" بأسلوب شيق يصل إلى الملايين ويحفزهم على التفكير والتغيير.
جدل حول "السر الكوني":
تصف العديد من القراءات "قانون الجذب" بأنه من الأسرار الكونية التي انتشرت مؤخرًا، مفشية أسرار النجاح ومؤكدة أننا جميعًا نستخدم هذا القانون لجذب ما نريده لأنفسنا. يعمل القانون لصالحنا عندما نركز على الإيجابيات، ويعمل ضدنا عندما نركز على السلبيات.
ومع ذلك، ومن منطلق الموضوعية، لا بد من الإشارة إلى أن هناك العديد من المقالات التي هاجمت الفيلم والكتاب بحجة أنهما "يبيعان علمًا زائفًا". على سبيل المثال، نشر موقع الجزيرة مقالًا بعنوان "هراء باسم العلم… السر وراء كتاب "السر""، مما يعكس الجدل الكبير الذي أحاط بهذه الظاهرة.
وختامًا، يبقى السؤال الأهم: هل تدرك مدى قوة ما تبثه من أفكار وكلمات في واقعك اليومي؟ وهل يمكن أن تكون مفتاحًا لجذب ما تتمناه؟ أتمنى أن تتخذوا التفكير الإيجابي مسلكًا طيبًا في حياتكم، لأنني أؤمن بأن مفعوله كالعصا السحرية.