السبت , 26 يوليو 2025 - 7:04 صباحاً

"صالون هدى": فضيحة مشهد أم صرخة واقع؟ إضاءات على فيلم أثار الجدل!

الصورة بلطف عن الشبكة

الصورة بلطف عن الشبكة

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

كتبت: سامية عرموش

ما زالت أزمة الفيلم الفلسطيني "صالون هدى" مستمرة، مثيرة كمّاً هائلاً من الجدل عبر السوشيال ميديا في عدد من الدول العربية. والسبب؟ أحد مشاهده الأولى الذي وُصف بـ "الإباحي"، ليطغى على رسائل الفيلم العميقة.

الفيلم من إخراج الفلسطيني المبدع هاني أبو أسعد، وبطولة نخبة من الفنانين منهم منال عوض، ميساء عبدالهادي، وعلي سليمان. تدور أحداثه حول صالون تجميل في بيت لحم تديره "هدى" (منال عوض)، التي تعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية. أسلوبها في التجنيد؟ إسقاط زبوناتها بتصويرهن في أوضاع مخلة، ثم ابتزازهن لإجبارهن على التخابر.

شاهدت الفيلم... وقرأت عشرات المقالات، المدونات، والتعليقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي. الغالبية العظمى هاجمت المشهد المثير للجدل، ولم يلتفت معظم المهاجمين إلى القضية المركزية التي يطرحها الفيلم، وهي استغلال وإسقاط الفتيات الفلسطينيات. أضف إلى ذلك معاناة النساء من الكبت الفكري والاجتماعي والسلطوي والأبوي، ومواجهتهن لواقعهن بمفردهن.

فإليكم بعض إضاءاتي المتواضعة... من الآخر للأول... عشان نحقق مبدأ التشويق... فرجاءً ما تقروا بس آخر إضاءة...!

تفضلوا:

1. التفاحة الأخيرة: رمزية الانتحار والغواية حاولت ريم (ميساء عبدالهادي) قتل نفسها على سريرها، بعد أن قُتلت رمزيًا على سرير هدى مع انطلاق الفيلم. اختارت ريم، بعد أن كتبت رسالتها الأخيرة، أن تأكل تُفاحة قبل أن تشعل الغرفة... بس لحظة! ليش اللي بدو ينتحر لازم يوكول تفاحة؟ ما كان بنفع إجاصة أو موزة متلاً؟ ايش دلالتها ورمزيتها؟ آه!!! معقول تفاحة حواء؟ الثمرة المُحرمة؟ أم أنها تُفاحة "بياض الثلج" التي أطعمتها إياها زوجة والدها لتدخلها في سُبات عميق؟ بكل الأحوال، ارتبطت ثمرة التفاح بالغواية في القصص المتداولة عبر التاريخ!

2. الصالون كمسرح للجريمة الصالون... هاد المحل اللي ممكن يغير مرات هويتنا الشكلية... يعني ممكن ندخل واحنا بشعر أسود وطويل ونطلع مع قصة شقرا قصيرة... لكن في هذا الفيلم، يتحول الصالون إلى مسرح لجريمة نفسية واجتماعية، حيث تُسلب الهوية والخصوصية.

3. هدى: بين الإجبار والشراسة "هدى"، اسم الشخصية التي اصطادت فريساتها (فريسات المخابرات، هي ما الها دخل!)... هدى، من لا تهدي ولا تهتدي، وإنما تسعى إلى الدمار والتدمير مرغمة؟ أم تسعى إليه بكامل شراستها كمحاولة ورغبة منها بالتخلص من "عيبها"؟ تساؤل يثير عمق الشخصية المعقدة.

4. لغة السينما: كبت وحصار بصري اللغة السينمائية كانت محكمة: الجدار الفاصل، الأطر، الشبابيك، الأبواب، الأشكال المربعة المغلقة... جميعها خلقت حالة رهيبة من الكبت والحصار... مين ما حسش إنه مخنوق وناقصه أكسجين؟؟؟ وإلا أنا اللي متحسسة من الربيع!!!

5. رمزية اللون الأحمر: ناقوس خطر وإغواء اللون الأحمر كان حاضرًا بقوة: ناقوس الخطر، الإغواء... الفستان اللي راحت فيه ريم على الصالون أحمر، والتفاحة حمرا، وحتى جملة "الموت للخونة" اللي انكتبت على صالون هدى (هُدهُد) بالأحمر... ليش؟ لأن الاختيارات الفنية في الفيلم مش عبثية!

6. رمزية اللون الأزرق في بيت ريم: برود العلاقات اللون الأزرق في بيت ريم... اللون اللي ولا عجب حماتها... دلالة على البرود! يعكس البرود في العلاقات الأسرية والشعور بالانفصال.

7. "عدي رجالك عدي من الأقرع للمصدي": خذلان الرجال مين ما انتبه إنه المرأة وقعت ضحية وما قدرت تركن على زوجها يشاركها ايش صار معها؟! وسم الله على الرجال بالفيلم، اللي بياخود مصاري عشان يتصور ويفضح أعراض النساء، واللي أسقط صديقه بإيدين الجيش ونضف حاله بالمقاومة... ويوسف اللي بتهم ريم عمال على بطال بأنه الها صاحب... لا وأهم إشي بسأل ايش بدها تطبخله بكرا!! هذا المشهد يبرز خذلان الرجال وتقاعسهم عن دعم المرأة في محنتها.

8. المغسلة: تطهير من البقع القذرة؟ صديقة ريم التي تعمل في مغسلة... ليش اختار المخرج أن تُفصح ريم عن مصيبتها هناك؟ مغسلة؟ محل بنضف فيه الأواعي والمستلزمات الأخرى من البقع... من الوسخ... ربما كانت رمزية لمكان تُحاول فيه ريم "تنظيف" نفسها من أوزار ما حدث.

9. الحوار... محبوك بإتقان الحوار ومن ثم الحوار.... كان محبوكاً، كل كلمة في مكانها الصحيح، ليعمق المعاني ويفضح الواقع.

10. الكاميرا المرافقة: شعور بالخوف والوحدة مرافقة الكاميرا لريم في عدة مشاهد من الخلف... جعلتنا نشعر وكأننا نمشي معها في أزقة بيت لحم واحنا "بنرجف" من الخوف... واحنا ما النا ظهر... وظهرنا مكشوف للغدر... وريم فعلاً ما كان الها ظهر، لا من زوجها الانتهازي اللي تركها بس عرف إنه تم إسقاطها، ولا من صديقتها اللي طلبت منها ولا تتفصح إنه أشركتها بمصيبتها، ولا من أمها التي طلبت منها تتحمل زيجتها... ولا حتى من رجال "المقاومة" اللي حاولوا هم كمان يبتزوها!

11. تذكير بفضيحة السلطة: بعرفش ليش الضجة على الفيلم ذكرتني بفضيحة أحد الموظفين الكبار من السلطة الفلسطينية قبل كم سنة لما فات على التخت شبه عاري وطلب من سكرتيرته "إطفي الضواو"!! (تعليق جريء يربط بين فساد السلطة وفساد القيم).

12. سر نجاح الأفلام: اللي حضر أحد حوارات المخرج الرائعة قبل 5 سنوات عن واحد من أسرار نجاح الأفلام، كان فهم إنه نجاح الفيلم توقف على انطلاقته (بدايته القوية والمثيرة للجدل في هذه الحالة).

13. رفض تسليع الأجساد: أرفض استعمال أجساد النساء، الأطفال، المسنين والبشر كافة لأغراض دعائية وبطريقة فيها مساس لهم ولنا. مبدأ أخلاقي أساسي.

14. العري الفني: مشاهد العري مرفوضة، ولكن تجدر الإشارة إلى أن العري هو ليس عري الجسد فقط... ولكن مع شحطة تحت "لكن"، تم توظيف المشهد فنياً!! (فصل جريء بين العري الجسدي والعري الفني الهادف).

15. "صالون هدى": كاشف العورات.. والوسخ: "صالون هدى" زي غيره من الأعمال السينمائية الأخرى كشف العورات.... والوسخ.... وعلى سيرة الوسخ.. يا ريت يكون في جزء تاني للفيلم ويسموه "صابون هدى"!! (عبارة قوية ومثيرة للتفكير، تجمع بين النقد والسخرية).

مواقف رسمية ورفض جماهيري:

نفت وزارة الثقافة الفلسطينية أي علاقة لها بالفيلم، بما في ذلك كل ما أشيع حول تقديمها أي تمويل له، كما زعمت بعض الصفحات الإخبارية. ومن جهتها، طالبت الهيئة العامة للشباب والثقافة بقطاع غزة بمحاسبة كافة القائمين على فيلم "صالون هدى" المثير للجدل، وضرورة وقف عرض ونشر وتداول الفيلم بشكل فوري، مؤكدة أنه "يمثل إساءة للشعب الفلسطيني وتضحياته ونضاله البطولي" على حد قولها.

×