السبت , 26 يوليو 2025 - 7:26 صباحاً

فيلم باربي ... وخفاياه المُبيتة!

فيلم باربي ... وخفاياه المُبيتة!

فيلم باربي ... وخفاياه المُبيتة!

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

منذ طرحه في دور السينما في العشرين من الشهر الماضي، حقق فيلم "باربي" نجاحاً تجارياً مذهلاً، متجاوزاً حاجز المليار دولار بعد 17 يومًا فقط من عرضه. لم يقتصر تأثير الفيلم على شباك التذاكر، بل تحول سريعاً إلى "تريند" عالمي على مواقع التواصل الاجتماعي، ودفع بعض شركات الأغذية وغيرها إلى افتتاح خطوط إنتاج جديدة باللون الوردي لمواكبة هذه الظاهرة. ومع ذلك، لم يسلم الفيلم من انتقادات حادة بسبب مضامينه، وتم منعه من العرض في عدد من الدول حول العالم خوفًا من تأثير "الأفكار المسمومة" التي قد يعرضها على المجتمع.

لفهم أسباب هذا الصدى الواسع والنجاح منقطع النظير، تتحدث الصحافية والناقدة السينمائية سامية عرموش لموقع "بكرا" موضحة أن الأمر يتطلب استعراض بعض الحقائق الأساسية:

تاريخ أيقونة الأجيال: دمية باربي

تعد دمية باربي، التي ابتكرتها شركة "ماتيل" الأمريكية، اقتباسًا من دمية ألمانية للكبار تُدعى "ليلي". سُميت الدمية الأمريكية على اسم باربرا، ابنة مؤسسة شركة "ماتيل" روث هاندلر، التي سئمت من اللعب بدمى على شكل أطفال ورغبت في دمية تمثل امرأة بالغة تكون قدوة للفتيات. رافق "ولادة" باربي الأمريكية في البداية الكثير من الاحتجاج والامتعاض في الشارع الأمريكي، إلا أنها سرعان ما اكتسبت شعبية جارفة.

تُظهر الإحصائيات حجم انتشار هذه الدمية؛ فوفقًا لمعطيات عام 2020، بيعت ثلاث دمى باربي كل ثانية حول العالم، ويقدر عدد الدمى المتواجدة بأكثر من مليار دمية. وعلى مر السنين، عملت الشركة على "تكييف" باربي مع مختلف الأسواق والمجتمعات لمعالجة تراجع المبيعات في فترات معينة. فظهرت باربي المحجبة، والسمراء، وباربي التي تمتهن عدة مهن متنوعة، وحتى باربي التي تعاني من متلازمة داون، لتعكس التنوع وتواكب التغيرات الاجتماعية.

الترويج كقوة دافعة: هوس اللون الوردي

بلغت تكلفة الترويج لفيلم "باربي" 150 مليون دولار، متجاوزة بذلك تكلفة إنتاجه التي بلغت 145 مليون دولار. ومع هذا الإنفاق الضخم، كان من الطبيعي أن يتصدر الفيلم العناوين عبر وسائل الإعلام التقليدية وغير التقليدية، ليتحول إلى ظاهرة أشبه بـ "الهوس" بالدمية ولونها الوردي الملازم لها.

شهدنا اللون الوردي يكتسح الشبكات التجارية: شركة "برجر كينج" أعدت صلصة باللون الوردي، و"زارا" أنتجت مجموعة ملابس باربي للكبار، وشركة "ألدو" أصدرت حقائب باربي، وحتى شركة برازيلية أنتجت توابيت باللون الوردي! فكيف حدث هذا الانتشار السريع وغير المسبوق؟

توضح عرموش أن "الترويج عمل وفق استراتيجيات معينة أثرت في السلوك من خلال التكرار والبث المكثف للمقاطع الترويجية، وهو ما يُسمى باللغة التسويقية 'التكرار الفعال' الذي يُسهم في ترسيخ المضامين في أذهان المتابعين ويؤثر على استهلاكهم". وتضيف: "ثانياً، استغل الفيلم تفاعل المستهلك وتبعياته، ليس بهدف تماثله مع الشخصية فحسب، وإنما لاجتذابه لشباك التذاكر ولزيادة مبيعات الدمى. ورأينا الرغبة في التماثل مع باربي من خلال اكتساح اللون الوردي للشبكات الاجتماعية. ثالثاً، تمكن الفيلم من الاستحواذ على الرواد بهذا الشكل لأنه صُمم بنفس لغة السوشيال ميديا، القائمة على بث المثاليات وتسطيح الرسائل!"

مضامين الفيلم: رسائل موجهة للكبار

يستهدف الفيلم شريحة الكبار، خاصة أولئك الذين لعبوا بدمية باربي في عقدي الثمانينيات والتسعينيات. ومن أبرز المضامين التي يقدمها الفيلم:

  • الترويج لمفهوم الجندر (الهويات الجنسية).

  • ترسيخ مفهوم التسليع (تحويل كل شيء إلى سلعة).

  • وبالمقابل، يحمل مضمونًا إيجابيًا واحدًا وفريدًا، وهو تقبل التغيرات الجسمانية التي تطرأ علينا والتخلي عن الكمال.

"تريند" زائل أم ثابت؟

أحدث الفيلم تفاعلاً كبيرًا على السوشيال ميديا، وتمكن من التأثير في السلوك الاجتماعي والاستهلاكي. ومع ذلك، ترى الكاتبة أنه "تريند" زائل، خلافًا لـ "التريندات" الأخرى مثل الغذاء الصحي أو اليوغا التي تحولت إلى سلوكيات ثابتة في حياة الكثيرين.

تنهي عرموش مقالها بكلمة أخيرة مهمة: "السينما هي أداة للتغير الاجتماعي، قد تُصمم واقعًا وتنهض به نحو الأفضل، وقد تُسممه لإعادة الهيكلة الفكرية. وهنا يتوجب علينا أن نكون ضمن فئة المتلقين الفعالين وأن نفهم ضخ المفاهيم من وراء الدمية المحببة على الكثيرين!"

×