الاسقاط النفسي.. حيلة دفاعية لحماية الذات

خالد بشارات محلل سلوك ومستشار أسري
بقلم: خالد بشارات محلل سلوك ومستشار أسري
"الاسقاط" حيلة دفاعية نفسية لا شعورية، يلجأ إليها الفرد للصق عيوبه ونواقصه بالآخرين، وهي عملية هجومية يهدف من خلالها إلى حماية نفسه. كما أنها وسيلة للوم الآخرين على فشله، متذرعًا بالعقبات التي يضعونها أمامه.
الأشخاص الذين يمارسون هذه الحيلة يتميزون بسرعة ملاحظة وتجسيد سمات شخصية يرغبونها في الآخرين، لكنهم لا يعترفون بوجودها في أنفسهم. ووفقًا لتحليل فرويد، فإن الاسقاط وسيلة للكبت؛ أي أسلوب لاستبعاد العناصر النفسية المؤلمة إلى حيز الشعور، حيث يدركها الشخص ثانية كموضوعات خارجية لا صلة لها بتجربته الذاتية.
الفرق بين الاسقاط والتبرير
من الضروري التمييز بين الاسقاط والتبرير، فكلاهما حيلتان دفاعيتان، ولكن:
-
الاسقاط هو عملية دفاع ضد الآخرين في الخارج.
-
التبرير هو عملية كذب على النفس.
يظهر الاسقاط غالبًا في إلقاء اللوم على الآخرين فيما يتعلق بأخطاء ارتكبناها، أو تقصير في أدائنا، أو أفعال قمنا بها خفية، أو فشل ما. على سبيل المثال، قد يلوم التلميذ المعلم أو صعوبة الأسئلة لتبرير فشله في الامتحان. كما أن البخيل يتهم غيره بالبخل، والجبان يتهم غيره بالجبن، والمتلاعب عاطفيًا يتهم غيره بذلك.
أحيانًا، عند مواجهة شخص بخطأ ارتكبه، قد ينكر ذلك بقوله: "لم أكن أنا" أو "لم أكن في وعيي"، أو قد يختلق ظرفًا لم يترك له خيارًا آخر.
مخاطر الاسقاط في العلاقات
نلاحظ اليوم الكثير من الحالات التي تستخدم هذه الحيل الدفاعية لتبرير الأخطاء أو إلقائها على الآخرين، بهدف تشويه صورتهم أو إبعادهم عن الطريق أو تحقيق هدف ما بسرعة.
الخائن قد يتهم شريكه بالخيانة ويخلق الظروف لتبرير كلامه، ولكنه في داخله يعترف بأنه هو المخطئ. وكذلك الفتاة التي تتهم أخرى بالانحراف الأخلاقي وسوء السمعة، فإنها غالبًا ما تسقط عليها ما بداخلها من رغبات أو أفعال.
إننا كمتلقين يجب أن نكون واعيين وألا نتخذ موقفًا مباشرًا عند سماع شيء من شخص ما. يجب ألا نغير فكرًا أو شعورًا تجاه الشخص الذي يتم الحديث عنه، لأنه قد يتضح لاحقًا أن ما سمعناه ليس سوى قصة مختلقة لإسقاط ما في نفس المتحدث على غيره.
إن مصيبتنا اليوم تكمن في أننا نسمع.. نفكر.. ثم نقرر بسرعة، متجاهلين عملية التحليل التي تعتبر حجر الزاوية في اتخاذ القرار، وفي فرز الصدق من الكذب.